فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بالرسل} التضعيف في {قَفَّيْنَا} ليس للتَّعدية؛ إِذْ لو كان كذلك لتعدّى إلى اثنين؛ لأنه قيل: التضعيف يتعدّى لواحد، نحو: قَفَوْتُ زَيْدًا، ولكنه ضُمِّن معنى جئنا كأنه قيل وجئنا من بعده الرُّسل.
فإن قيل: يجوز أن يكون متعديًا لاثنين على معنى أنَّ الأول محذوف، والثاني {بالرسل} والباء فيه زائدة تقديره: {وَقَفَّيْنَا من بعده الرسل}.
فالجَوَاب: أن كثرة مجيئه في القرآن كذلك يبعد هذا التَّقْدِير، وسيأتي لذلك مزيد بيان في المائدة [الآية: 46] إن شاء الله تعالى.
و{قَفَّيْنَا} أصله: قَفَّوْنَا ولكن لما وقعت الواو رابعة قلبت ياء، واشتقاقه من قَفَوْتَ، وقَفَوْتُه إذا اتَّبَعْتُ قَفَاه، ثم اتُّسِع فيه، فأطلف على تابع، وإن بَعُدَ زمان التابع عن زمان المتبوع.
قال أميَّةُ: البسيط:
قَالَتْ لأخْتٍ لَهُ قُصِّيهِ عَنْ جُنُبٍ ** وَكَيْفَ تَقْفُو وَلاَ سَهْلٌ وَلاَ جَبَلُ

والقَفَا: مؤخّر العُنُق، ويقال له: القافية أيضًا، ومنه الحديث: «يعقد الشيطان على قَافِيَة رَأْس أَحَدِكُمْ».
والقَفَاوَة: ما يدّخر من اللّبن وغيره لمن تريد إكرامه، وقفوت الرجل: قذفته بِفُجُور، وفلان قِفْوتِي: أي تُهْمتي، وقِفْوتي أي خيرتي.
قال ابن دريد: كأنه من الأضداد.
ومنه قافية الشعر؛ لأنها يتلو بعضها بعضًا، ومعنى قفّينا: أي أتبعنا، كقوله: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: 44].
و{مِنْ بَعْدِهِ} متعلق به، وكذلك: {بالرُّسُل} وهو جمع رسول بمعنى مُرْسَل، وفُعُل غير مقيس في فعيل بمعنى مفعول وسكون العين لغة الحجاز وبها قرأ الحسن، والضم لغة تميم وبها قرأ السَّبعة إلاَّ أبا عمر، وفيما أضيف إلى أن أو كم أو هم، فإنه قرأ بالسكون لتوالي الحركات.

.فصل في لفظ عيسى:

قوله: {عيسى}: علم أعجمي فلذلك لم ينصرف، وقد تكلم النحويون في وَزْنِهِ، واستقاقه على تقدير كونه عَرَبيَّ الوضع فقال سيبويه: وزنه فِعْلَى والياء فيه ملحقة ببنات الأربعة كياء مِعْزى بالياء لا الألف، سمّاها ياء لكتابتها بالياء.
وقال الفارسي: ألفه ليست للتأنيث كذِكْرَى، بدلالة صرفهم له في النكرة.
وقال عثمان بن سعيد الصيرفي: وزنه فِعْللَ فالألف عنده أصيلة بمعنى أنها مُنْقلبة عن أصل.
ورد عليه ذلك ابن البَاذش بأن الياء والواو لا يكونان أصليين في بنات الأربعة، فمن قال: إن عيسى مشتق من الْعَيْس: وهو بياض تُخالطه شُقْرة ليس بمصيب، لأن الأعجمي لا يدخله اشتقاق ولا تصريف.
وقل الزمخشري: وقيل: عيسى بالسُّريانية يشوع.
قوله: {ابن مريم} عطف بيان له أو بدل، ويجوز أن يكون صفة إلا أن الأول أولى؛ لأن {ابن مريم} جرى مجرى العلم له، وللوصف ب {ابن} أحكام تخصّه، ستأتي إن شاء الله تعالى مبينة، وقد تقدم اشتقاق {ابن} وأصله.
و{مريم} أصله بالسّريانية صفة بمعنى الخَادِمِ، ثم سُمِّيَ به؛ فلذلك لم ينصرف، وفي لغة العرب: هي المرأة التي تُكْثر مخالطة الرجَال كالزِّير من الرجال، وهو الذي يكثر مُخالطتَهُن.
قال رؤبة: الرجز:
قُلْتُ لِزِيرٍ لَمْ تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ

وياء الزّير عن واو؛ لأنه من زار يزور فقلبت للكسرة قبلها كالريح، فصار لفظ مريم مشتركًا بين اللِّسَانين، ووزنه عند النحويين مَفْعَل لا فَعْيَل، قال الزمخشري: لأن فَعْيلًا، بفتح الفاء لم يثبت في الأبنية كما ثبت نحو: عثير وعِلَيْب وقد أثبت بعضهم فَعْيلًا، وجعل منه نحو: ضهيد: اسم مكان ومَدْين على القول بأصالة ميمه وضهيأ بالقَصْر وهي المرأة التي لا تحيض، أو لا ثَدْيَ لها، مشتقّة من ضَاهَأَت أي: شابهت؛ لأنها شابهت الرجال في ذلك، ويجوز مدّها قاله الزَّجَّاج.
وقال ابن جني: وأما ضهيد وعثير فمصنوعان فلا دلالة فيهما على ثبوت فَعْيَل، وصحة الياء في مريم على خلاف القياس، إذْ كان من حقّها الإعلال بنقل حركة الياء إلى الراء، ثم قَلْب الياء ألفًا نحو مُبَاع من البيع، ولكنه شذّ كما شذ مَزْيَد ومدين.
وقال أبو البقاء: ومريم على أعجمي، ولو كان مشتقًّا من رام يَرِيم لكان مَرِيْمًا بسكن الياء.
وقد جاء في الأعلام فتح الياء نحو: مزيد وهو على خلاف القياس.
و{البَيِّنَات} قيل: هي المُعْجِزَات المذكورة في سورة آل عمران والمائدة.
وقيل: الإنجيل.
وقيل: أعم ذلك.
قوله: {وَأَيَّدْنَاهُ} معطوف على قوله: {وَآتيْنَا عِيسَى}.
وقرأ الجمهور: {وَأَيَّدْنَاهُ} على فَعَّلْنَاهُ، وقرأ مجاهد وابن محيصن ويروى عن أبي عمرو: {وَآيَدْنَاهُ} على أَفْعَلْنَاهُ، والأصل فيه: أَأْيد بهمزتين ثانيتهما ساكنة، فوجب إبدال الثانية ألفًا نحو: أأمن وبابِه، وصححت العين كما صحّت في أغليت وأغميت وهو تصحيح شاذّ إلا في فعل العجّب نحو: ما أبين أطول.
وحكي عن أبي زيد أن تصحيح أغليت مقيس.
فإن قيل: لم لا أعلّ {أَيَّدْنَاه} كما أعلّ نحو: أَبَعْنَاهُ حتى لا يلزم حلمه على الشَّاذ؟.
فالجواب: أنه لو أعلّ بأن ألقيت حركة العَيْن على الفاء، فيلتقي ساكنان العين واللام، فتحذف العين لالتقاء السكانين، فتجتمع همزتان مَفْتُوحتان، فيجب قلب الثانية واوًا نحو: أوادم فتتحرك الواو بعد فتحة، فتقلب ألفًا فيصير اللفظ: أَأَدْنَاهُ؛ لأدّى إلى إعلال الفاء والعين، فالأجل ذلك رُفِضَ بخلاف أَبَعْنَاه وأقمناه، فإنه ليس فيه إلاَّ إعلال العَيْن فقط، قال أبو البقاء: فإن قلت: فلم لم تحذف الياء التي هي عَيْن كما حذفت من نحو: أسلناه من سال يسيل؟
قيل: لو فعلوا ذلك لتوالى إِعْلاَلاَن:
أحدهما: قلب الهمزة الثانية ألفًا، ثم حَذْفُ الألف المبدلة من الياء لسكونها، وسكون الألف قبلها، فكان يصير اللَّفظ أدْنَاه، فتحذف الفاء والعين، وليس أَسَلْنَاه كذلك؛ لأن هناك حذفت العين فقط.
وقال الزمخشري في المائدة: أَيَّدْتُك على أَفْعَلْتُكَ.
وقال ابن عطية: على فاعَلْتُكَ، ثم قال: ويظهر أنَّ الأصل في القراءتين: أفعلتك، ثم اختلف الإعلال، والذي يظهر أن أَيَّدَ فَعَّلَ لمجيء مضارعه على يُؤَيِّد بالتشديد، ولو كان أَيَّدّ بالتشديد بزنة أَفْعَل لكان مضارعه يُؤْيِدُ كيُؤْمِنُ من آمن وأما آيَدَ بالمدّ فَيحْتَاج في نقل مُضَارعة إلى سماع، فإن سُمِع يُؤايِد كيُقَاتل فهو فاعل فإن سمع يُؤْيِد كيكرم وآيَد فهو أَفْعَلَ، ذكر جميع ذلك أبو حَيّان في المائدة، ثم قال: إنه لم يظهر كلام ابن عطيّة في قوله: اختلف الإعلال، وهو صحيح، إلاَّ أن قوله: والذي يظهر أن أَيَّد في قراءة الجمهور فَعَّل لا أَفْعَل إلى آخره فيه نظر؛ لأنه يُشْعِرُ بجواز شيء آخر متعذّر.
كيف يتوهّم أن أَيَّدَ بالتشديد في قراءة الجمهور بزنة أَفَعْلَ، هذا ما لا يقع.
والأَيْد: القوة.
قال عبد المطّلب: الرجز:
أَلْحَمْدُ لِلَّهِ الأعَزِّ الأَكْرَمِ ** أَيَّدَنَا يَوْمَ زُحُوفٍ الأَشْرَمِ

والصحيح أن فَعَّل وأفْعَل هنا بمعنى واحد وهو قَوَّيْنَاهُ، وقد فرق بعضهم بينهما، فقال: أما المَدُّ فمعناه: القوة، وأما القَصْر فمعناه: التأييد والنصر وهذا في الحقيقة ليس بفرق، وقد أبدلت بعض العرب في آيَدَ على أَفْعَلَ الياء جميعًا فقالت: آجَدَهُ أي قواه.
قال الزمخشري: يقال: الحمد لله الذي آجَدَني بعد ضَعْف، وأوجدني بعد فَقْر.
وهذا كما أبدلوا من يائه جيمًا فقالوا: لا أفعل ذلك جَدَ الدَّهْرِ أو مد الدهر، وهو إبدال لا يطّرد.
ومن إبدال الياء جميعًا قول الراجز: الرجز:
خَالِي عُوَيْفٌ وَأَبُو عَلِجِّ ** أَلْمُطْعِمَانِ اللَّحْمَ بِالْعَشِجِّ

يريد: وأبو علي وبالعشي.
قوله: {بِرُوحِ القُدُسِ} متعلق ب {أيدناه}.
وقرأ ابن كثير: {القُدْس} بإسكان الدال، والباقون بضمها، وهما لغتان: الضم لالحجاز والإسكان لتميم، وقد تقدم ذلك، وقرأ أبو حيوة: {القُدُّوس} بواو، فيه لغة فتح القاف والدال معناه: الطَّهارة أو البركة كما تقدم عند قوله: {وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة: 30] والروح في الأصل: اسم للجزء الذي تحصل به الحياة في الحيوان، قاله الرَّاغب.
قوله: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ} الهمزة هنا للتوبيخ والتَّقريع، والفاء للعطف عَطَفَتْ هذه الجملة على ماقَبْلَها، واعْتُنِيَ بحرف الاستفهام فَقَدِّم، وتقدم تحقيق ذلك، وأن الزمخشري يقدر بين الهمزة حرف العطف جملةً ليعطف عليها، وهذه الجملة يجوز أن تكون معطوفة على ما قبلها من غير حذف شيء كأنه قال: ولقد آتينا يا بني إسرائيل أنبيائكم ما آتيناهم فكلما جاءكم رسول.
ويجوز أن يُقَدَّر قبله محذوف أي: ففعلتم ما فعلتم فكلما جاءكم رسول، وقد تقدّم الكلام في {كلما} عند قوله: {كُلَّمَا أَضَاءَ}، والناصب لها هنا استكبرتم.
وجاء يتعدّى بنفسه تارة كهذه الآية، وبحرف الجر أخرى، نحو: جئت إليه ورسول فَعُول بمعنى مفعول أي: مُرْسَل، وكون فَعُول بمعنى المفعول قليل، جاء منه: الرُّكُوب والحَلُوب، ويكون مصدرًا بمعنى: الرِّسالة قاله الزمخشري؛ وأنشد: الطويل:
لَقَدْ كَذَبَ الوَاشُونَ ما فُهْتُ عِنْدَهُمْ ** بِسِرٍّ وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ

أي: برسالة، ومن عنده: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين} [الشعراء: 16].
قوله: {بِمَا لاَ تهوى أَنْفُسُكُمْ} متعلّق بقوله: {جاءكم} وما موصولة بمعنى الَّذِي، والعائد محذوف لاستكمال الشّروط والتقدير: بما لا تَهْوَاه، و{تهوى} مضارع هَوِي بكسر العين ولامه من ياء؛ لأن عينه واو، وباب طويت وشويت أكثر من باب قُوَّةٌ وحُوةٌ ولا دليل في هَوِي لانكسار العين، وهو مثل شَقِي من الشّقاوة، وقولهم في تثنية مصدر هوي: هَوَيان أدلُّ على ذلك.
ومعنى تهوى: تحبّ وتختار، وأصل الهَوَى: الميل، سمي بذلك؛ لأنه يَهْوي بصاحبه في النار، ولذلك لا يستعمل غالبًا إلاّ فيما لا خير فيه، وقد يستعمل فيما هو خير، ففي الحديث الصحيح قول عمر في أسارى بدر: فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يَهْو ما قلت.
وعن عائشة رضي الله عنها: والله ما أرى رَبَّك إلا يُسَارع في هواك.
وجمعه: أهواء.
قال تعالى: {بِأَهْوَائِهِم} [الأنعام: 119] ولا يجمع على أَهْوِية، وإن كان قد جاء نَدَى وأنْدِية؛ قال الشاعر: البسيط:
فِي لَيْلَةٍ مِنْ جُمَادَى ذَاتِ أَنْدِيَةٍ ** لاَ يُبْصِرُ الكَلْبُ مِن ظَلْمَائِهَا الطُّنُبَا

وأما هَوَى يَهْوِي بفتحها في الماضي وكسرها في المضارع فمعناه السُّقوط، والهَوِيُّ بفتح الهاء، ذهاب في انْحِدَار.
والهُوِيُّ: ذهاب في صعود وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى.
وأسند الفعل إلى الأنفس دون المُخَاطب فلم يقل: بما لا تَهْوُون تنبيهًا على أنّ النفس يُسْند إليها الفعل السيّئ غالبًا نحو: {إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ بالسواء} [يوسف: 53] {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ} [يوسف: 18] واستكبر بمعنى: تكبر.
قوله: {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ} الفاء عاطفة جملة {كذبتم} على {استكبرتم}، وفريقًا مفعول مقدم، قدم لتتفق رءوس الآي، وكذا: {فَرِيقًا تَقْتُلُونَ}، ولابد من محذوف، أي: فريقًا منهم، والمعنى أنه نشأ عن اسْتِكْبَارهم مُبَادرة فريق من الرسل بالتكذيب، ومبادرةُ آخرين بالقتل.
وقدم التكذيب؛ لأنه أول ما يفعلونه من الشَّر؛ ولأنه مشترك بين المقتول وغيره، فإنَّ المقتولين قد كذبوهم أيضًا، وإنما لما يُصَرِّح به؛ لأنه ذكر أقبح منه في الفِعل.
وجيء ب {يقتلون} مضارعًا، إما لكونه مستقبلًا؛ لأنهم كانوا يَرُومُونَ قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك سحروه، وسَمُّوا له الشاة، وقال عليه الصلاة والسلام عند موته: «مَا زَالَتْ أَكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدُنِي، فَهَذَا أوان انْقِطَاع أَبْهَرِى» ولما فيه من مُنَاسبة رءوس الآي والفَوَاصل، وإما أن يراد به الحال الماضية؛ لأن الأمر فظيع، فأريد استحضاره في النُّفوس، وتصويره في القلوب.
وأجاز الرَّاغب أنْ يكون {ففريقًا كَذّبتم} معطوفًا على قوله: {وآتيناه}، ويكون {أفكلّما} مع ما بعده فصلًا بينهما على سبيل الإنْكَارِ.
والأظهر الأول وإن كان ما قاله محتملًا. اهـ. باختصار.

.التفسير الإشاري:

قال العلامة نظام الدين النيسابوري:
التأويل: {وإذ أخذنا ميثاقكم} في عهد {ألست بربكم} {لا تسفكون دماءكم} بامتثال أوامر الشيطان واتباع خطواته كما قيل:
إلى حتفي مشى قدمي ** أرى قدمي أراق دمي

{ولا تخرجون أنفسكم} من ديار عبوديتكم التي كنتم فيها في أصل الفطرة {وتخرجون فريقًا منكم من ديارهم} لا تقتصرون على ضلالكم بل يعاون بعضكم بعضًا على الإعراض عن حقوق الله والإقبال على حظوظ النفس {وإن يأتوكم أسارى تفادوهم} فمن أسر في قيد الهوى فإنقاذه بالدلالة على الهدى، ومن أسر في قيد حب الدنيا فخلاصه في كثرة ذكر المولى، ومن أسر في أيدي الشكوك والشبهات ففداؤه إرشاده إلى اليقين بلوائح البراهين ولوامع البينات، ومن أسر في حبس وجود فنجاته فيما يحل عنه وثاق الكون ويوصله إلى معبوده، ومن أسر في قبضة الحق فليس لأسراهم فداء ولا لقتلاهم قود ولا لرهطهم خلاص ولا لقومهم مناص ولا منهم فرار ولا معهم قرار ولا إليهم بغيره سبيل ولا لديهم دليل {أفتؤمنون ببعض الكتاب} وهو ما سمعتم في أول الخطاب {ألست بربكم} فقلتم بلى {وتكفرون ببعض} وهو الذي عاهدتم عليه ألا تعبدوا غير الله من الشيطان والنفس والهوى الله حسبي. اهـ.